إلى أين سيتّجه قرص البوصلة؟
في إطار التعاون بين مركز إدموند دي روتشيلد وجاليري يَما، تحضر ثماني فنانات إلى المحطة المركزية في نهاريا، بعضهن لأول مرة في حياتهن. يأتين إلى المحطة وفي جعبتهن أسئلة. تسعى كلّ منهن لاكتشاف شيء جديد في اللقاء بين إنتاجها الفنيّ والحيز الماديّ والبشريّ في المدينة. التواضع والجرأة يتمازجان في النشاط الفنيّ للفنانة في مدينة أجنبية: تنقّلات جريئة بين الفضول السياحي والبحث الجنونيّ، بين الحرية الكامنة في مجهولية وسرية الهوية وبين الوحدة المترتبة على عدم الانتماء.
تتدارس الفنانة العامّة متاهة المدينة والطبيعة المعقدة للعلاقات فيها وتتعقب العلامات وغياب العلامات. في بعض الأحيان، تبدو الفنانة في تجوالها تائهة أو خاملة، ولكنها في الواقع هاوية للجمع- جمع هوامش الحياة اليومية، تبعث فيها الروح وتحييها. إنّها بطلة الثقافة المضادة للنجاعة والاستهلاك والطاعة العمياء للمنظومة.
للفنانات العامّات شريكات في الاستخدام اليومي للحيز الحضري: جماعات الباركور، التزلّج على اللوح ورسم الجداريات، المتسكّعون، مُطعِمي الحَمام، مربيات القطط، الفتيان والأطفال بأنشطتهم المتنوعة في الخارج، البرلمانيون المخضرمون الغارقون في حوار عميق أو حامي الوطيس. يمثّل كل هؤلاء معًا قوة البقاء، الجمال والرأفة. يخلق كل واحد وواحدة منهم لحظة خاصة في الحيز العام. وهذه اللحظات تهمس في آذان الجمهور قائلة: “الحقيقة خفية، توازن القوى هشّ ومتغير، وبالإمكان السير في اتجاه مختلف تمامًا”. الهمس الخافت يزلزل الأرجاء، يُحدثُ شقًا في أسوار الواقع القاسي. المشاهد اليومية مرهقة مثل حاوية نفايات خضراء أو سور رمادي، تبدو فجأة صادمة، الآخر-الغريب يصبح قريبًا ويحصل على اسم ومعنى، وقوانين الطبيعة في المدينة تُخرَق.
الفنانات الثماني يصنعن شقًا، جُزرًا من الحرية الجمالية، وكما أنّ المدينة دائمة الحركة ونابضة بالحياة، فإنّ المعرض أيضًا ينبض بالحياة داخلها، ينمو ويذبل مع مرور الوقت.
اسم المعرض هو تمرين، أمر، يستطيع كل واحد وواحدة تنفيذه. إنّه مستعار من كتاب تمارين فنية ألّفه كورت جونسون. عنوان الكتاب بترجمة حرفية هو “تمارين أخرى”، وهو الكتاب الثاني في سلسلة مكونة من خمسة كتيبات (يسبقه “تمارين” ويليه “تمارين أخرى أخرى”). ما يلي التمرين الأصلي (بترجمة حرة هذه المرة أيضًا): ارسم/ي تحت قدميك مئات الأسهم الصغيرة التي تشير إلى جميع الاتجاهات. اذهب/ي إلى الشاطئ، إلى مكان محمي من الرياح وانظر/ي نحو البحر”. كورت جونسون وكتاب التمارين الذي ألّفه هما جزء من “فلوكسس”، حركة فنانين وفنانات يدعون الناس للمشاركة وإنتاج تجارب فنية بأنفسهم بطريقة “افعلها بنفسك”.
في المعرض، يمكنكم التجول، المشاهدة، التعرف، الانفصال، الاستراحة، صنع قارب من ورق، طقوس تطهير ذاتي، قصة، مد يد العون، الانتباه للوقت، عدم الانتباه للوقت، التمييز، التساؤل، الفقدان والإيجاد.
يمكنكم تعميق التعارف مع الأعمال المعروضة بواسطة عناصر موجودة داخل الاستوديو- في توثيق السيرورة. مواد خام فكرية ومادية من سيرورات الإنتاج، والتي جمعتها الفنانات وصنعن منها معرض “خلف الكواليس”.