المدينة الملجأ

الحيّز الحضريّ هو ملجأ بالنسبة لنا. ليست ملجأ ماديًّا بحتًا، بل ملجأ مفاهيميّ. شيء يتعدّى المباني، الشوارع ووسائل الحماية، ما يجعلنا نبقى في المدينة هو النسيج البشريّ، الروح والنظام البيئيّ.

اسم المعرض، المدينة الملجأ، اختيرَ قبل نحو سنة، قبل أن يفكّر أي منا في أنّ الملجأ سيحوّلنا من جديد إلى أمر جوهريّ في وجودنا. خطرت لي الفكرة في الشتاء الماضي، مع بدء الاحتجاجات التي جعلت عددًا كبيرًا منا يعيد تأمّل نمط الحياة الذي تتيحه لنا المدينة، والإدراك أنّ الأمر غير بديهيّ.

منذ وقوع بعد الأحداث (وهي كثيرة)، المدينة بقيت عبارة عن ملجأ. مدينة تل أبيب-يافا أصبحت مدينة مفاهيميّة، تحتوي سكّانها بطرق متنوّعة، تحميهم من العالم الخارج. في التناخ، كانت المدينة الملجأ مخبأ لمن ارتكبوا القتل عن طريق الخطأ. في نهاية الثمانينات، أضيفت إلى المصطلح طبقة جديدة من المعنى بفضل أغنية من الألبوم الأول لإيهود بناي، إيهود بناي واللاجئون (1987).

لن نعتمد السذاجة ونقول إنّ المدينة هي مجرّد ملجأ، يحتوي فقط، ويحمي فقط. فهي تصعّب الأمور أحيانًا، وبطرق متنوّعة هذه المرة أيضًا. جميع الفنانين والفنانات المشاركين في المعرض يديرون علاقة مع المدينة؛ مع الحياة في حيّز حضريّ مقابل الحيّز الريفيّ لموشاڤ أو كيبوتس؛ أو مع الحياة في حيّز حضريّ معيّن أو آخر؛ أو مع الحياة في نفس الحيّز الحضريّ طيلة حياتهم.

بالنسبة لنا، هذا الحيّز الحضريّ هو ملجأ. فهو يحيك نسيج حياة حضريّة معاصرة، يجد كل واحد وواحدة منّا مكانًا له. إنّه النسيج نفسه الذي يحيطنا بفقاعة واقية- والتي اعتبرت على مدار أجيال عديدة شيئًا معيبًا، ولكن مع مرور الوقت أدركنا أنّه في الواقع المورد الأهم الذي نملكه، حتى إن لم تكن لدينا أصول ماديّة (وماذا عن العقارات؟- إنّها في قلوبنا).

مركز إدموند دي روتشيلد هو أحد فضاءت العرض الوحيدة في البلاد الواقعة على محور مركزيّ في الحيز الحضريّ، ويمر عبره يوميًا مئات الأشخاص/النساء. في هذه الحالة أيضًا، يعتبر ذلك موردًا. الواجهة الأماميّة الجميلة للمركز تبرز في الحيّز الحضريّ وتشكّل  موقع جذب للمارة، بعد أن طلبوا الدخول إليه وإيجاد مدينتهم-الملجأ فيه.