“ضمن السياق” هو معرض جماعيّ يتدارس العلاقة بين المشاهِد، الفنان/ة والعمل الفنيّ ضمن سياقات جماهيريّة، ويحوّل حيّز العرض- ميناء قيسارية-إلى نقطة مرجعيّة في الأعمال الفنيّة. يتخلّل المعرض تسع أعمال نحتيّة وتنصيبة فيديو لفنانين شباب متمرّسين شاركوا في برنامج دعم الفنانين في صندوق إدموند دي روتشيلد.
برزت في السنوات الأخيرة نزعة تشيد بنقطة التحوّل التجريبيّة في مشاهدة وتأمّل الفن المعاصر. على نحو تقليديّ، ومع نشوء الحداثة، تمّ تأمّل المعروضة في الحيز المتحفيّ بواسطة نموذج نقديّ. على المشاهد/ة تحليل المعاني واكتشاف نوايا الفنان/ين. تلوح الآن في الأفق نزعات أخرى يشدد البعض منها على تجربة المشاهدة أو المشاركة الماديّة، الحسيّة والماديّة ضمن سياقات جماهيريّة. هذا النموذج يتيح الفرصة لتخطّي حدود التحليل السياسيّ-الاجتماعيّ للعمل الفنيّ، ويتيح المجال لخوض تجربة جسديّة وشخصيّة. الأعمال الفنية ليست معروضة كقطعة نائية ومعزولة، بل تشكّل بادرة للقاء دافئ يساهم في إشراك المشاهدين والمشاهدات في حياة الفنانين/ات، وفي المحيط والمجتمع المحليّ الذي يعيشون فيه. نقطة التحوّل الماديّة-الحسيّة-الجسديّة هذه توسّع من مبادئ الفنون المرئيّة وتشمل أيضًا تقنيات جديدة وتصاميم، وذلك لتمكين الفنانين والفنانات من تخطّي عوائق ثقافيّة، لغويّة وجغرافيّة.
المعرض “ضمن السياق” هو محاولة للتعبير عن هذه التغييرات من داخل مجال الفنون والإنتاج الفنيّ. يتمحور المعرض حول السياقات الثقافيّة-الجماهيريّة للفنان/ة أو المصمّم/ة، وهو يدعو المشاهِد للانكشاف على جميع هذه المستويات وتحويل الفنون إلى منبر حيويّ. مع أنّ نقطة التحوّل الحاليّة تسلّط الضوء على المرئيّ-الجسديّ، إلّا أنّ المعرض ليس ضمانًا لعرض فنون آسرة تستحوذ على جميع حواس المشاهِد.
مع أنّ الأعمال الفنيّة في المعرض تتناول أسلوب البوب، وهي جميعها حسيّة، ولكن الأهم من ذلك هو أنّ كل فنان وفنانة يكشفوننا على الموقف الحياتيّ التي أنتجوا فيه أعمالهم الفنيّة، والأماكن التي مكثوا فيها- ليُدخلونا بذلك إلى عوالمهم الشخصيّة والعمليّة.
״ضمن السياق״، كما يًستدل من اسمه، يعنى أيضًا بحيز العرض الموجود في ميناء قيسارية ويطلّ على البحر الواسع. بعض الأعمال الفنيّة، على غرار خط الشاطئ، تعبّر عن مناطق وسطى، مثل العمل الفني الأنيق “ما بين البينين” لليطال چولدينبيرچ، حيث تتناول العلاقة بين الخارج والداخل، أو العمل الفنيّ لآسا ريكين الذي يتدارس التوتّر القائم بين المحسوس والمجرّد بوسائل رقميّة ومشاهد البحر. في المعرض أعمال أخرى تعبّر عن “صدام” بين البحر واليابسة وتعنى بجوانب بيئيّة، مثل سلسلة الأنسجة لدى چال برين التي تتطرق إلى مكتشفات أثريّة ونفايات استخرجت من شواطئ قيسارية، في العمل الخزفيّ ليـڤغانيا كيرشطاين التي تتطرق إلى اختفاء النحل والعمليات التطوّريّة-التكنولوجيّة المُسرّعة في أعقاب هذه الظاهرة، أو تمثال القارب لبنيامين هاسنوت الذي يتطرّق إلى استعادة معرفة عائليّة سابقة بواسطة تقنيات جديدة.