• القيّمة: ياعيل بن عامي
  • مواعيد:22.5-26.6.25

ماذا لو فضلنا

مشاركون.ات

عادي حين-حَموي

فرديّ/ة في روتشيلد
حيّز عرض لمعرض منفرد أقامه مركز إدموند دي روتشيلد خصّيصًا من أجل أعضاء شبكة مركز إدموند دي روتشيلد. هدفه هو تشجيع إنشاء مشاريع جديدة أو تنفيذ أعمال حاليّة بمرافَقة قيِّمين/ قيِّمات وضمن عمليّات تفكير وتطوير مُشترَكة.

سلسلة معارض تُعنى بالفقدان والمُعالجة
3 معارض منفردة في مركز إدموند دي روتشيلد، الطابق 1 –
مايو-نوفمبر 2025
المشاركون: عادي حين-حَموي, نوغا سيروتا, يوفال كاتس
القيِّمات: ياعيل بن عامي, ياعيل يعقوبس, ليطال بار-نوي

عادي حين-حَموي | ماذا لو فضلنا
القيّمة: ياعيل بن عامي

ماذا لو فضلنا – أمنية، أمل وهمسة للمستقبل. ولكنّها أيضًا كلّ ما يُلحق ويفضَل، أيّ كل ما هو هامشي وزائل.

معرض ماذا لو فضلنا مخصّص لعملٍ إنشائيّ فرديّ مكوّن من أغراض يبدو ظاهريًا أنّها منفصلة- البعض منها ساكِن، الآخر عضويّ وفي وضعيات حياتيّة مختلفة. عرضها في حيّز مشترك وبترتيب واضح يُنشئ بينها علاقات وسياقات. تخلق هذه المنظومة حيّزًا ماديًّا هشًّا، يتجاور فيها البقاء والفقدان، وتمتد منه عمليّة إبداعيّة تتقفّى أثر حياة جديدة نابعة عمّا فضل، عمّا تكسّر وعمّا تلاشى واندثر تقريبًا.
تستخدم الفنانة عادي-حين حموي فضلات- المواد الفائضة، المهملة، “غير الضروريّة”. إنّه خَيار جماليّ وسياسيّ. في المواد التي فقدت وظيفتها الأصليّة، التي هُمّشت أو ظلّت خلف الركب، يكمن احتمال التحوّل. تحمل معها هذه المواد آثار الاستخدام، الاهتراء والزمن، وتدعو لسيرورة إعادة معالجة وتفكيك وتنظيم.
المادة الرئيسيّة التي تستخدمها حموي هي فطر الكومبوتشا- طبقة سلولوز عضويّة نتجت عن مزرعة تكافليّة من الفطريات والبكتيريا، المعروفة باسم “سكوبي” (SCOBY; Symbiotic Culture of Bacteria and Yeast). الكومبوتشا، التي تذكّرنا بشكل وقوام الفطر، الجلد، وأحيانًا جلد الإنسان، تتحوّل بين يديها إلى مادة فنيّة محمّلة بمعانٍ كثيرة. من خلال إعادة بناء ومعالجة وتثبيت المادة، من خلال استخدام مادة بدأت طريقها كـفضلات حيويّة، تتاح الإمكانية للخوض في أسئلة عن الحياة، التحلّل، الحفظ والذاكرة.
مناشير ألقيَ بها بعد الاستخدام وصدأت، تجمعها حموي من وِرش حرفية وورش نجارة، وتُلحَم بأجسام معدنيّة دائريّة، تجمع في الوقت نفسه بين الرقة والعنف. إنّها أشبه بفكيّ وحوش أسطوريّة، بيض مستدير، رحم نسائيّ وأحزمة العفة من العصور الوسطى.
تضع حموي في حيّز العرض مواد عضويّة مصيرها الزوال، على سبيل المثال، أجنحة بومة سحقت تحت عجلات مركبة- تم تفكيكها، تنظيفها وحفظها. حدوث عملية الفقدان في الحيّز ضروريّ للإشارة إلى نهاية ما، ولكنّها ليست نهاية قاطعة، بل بداية مسودة، نسخة أوليّة لشيء ما.
تُجرّب المادة بواسطة البحث والاستكشاف الجسديّ والمباشر، تطوّر خلاله حموي تقنيات غير اعتياديّة لمعالجتها. مع ذلك، فإنّ عملها مستوحى من تقاليد حرفيّة قديمة، مثل الترميم، التحنيط، معالجة الجلود، اللِحام، والوشم اليدويّ، الذي تعيد معالجته ضمن سياق شخصيّ ومباشر. يستدعي فطر كومبوتشا، كونه كائنًا حيًّا تكافليًّا، العناية المستمرة بواسطة الريّ والتغذية- وهي عملية مستمرة خلال المعرض أيضًا: عمل إنشائيّ حديديّ، أشبه برحمٍ مغلّف بنسيج جاف، يستخدم كحوض زرعت فيها صفيحة سكوبي طازجة. وجودها قائم على التكافل، ومن يوفّر لها الظروف المناسبة هي الفنانة. يؤدّي ذلك إلى تكافل إضافيّ، ليس بيولوجيًّا فقط، إنّما فني أيضًا، بين الفنانة والفطر- وهو ليس المادة الخام فحسب، إنّما أيضًا شريك فعّال في عملية الإبداع.
العمليّة الإبداعيّة التي تقوم بها حموي نابعة عن حقل مصيره الزوال، ولكنها تدعو لحراثته وإضفاء حياة عليه، بدلًا من الغوص فيه. تصنع مادة من الألم. تبدأ العمليّة الإبداعيّة بكتابة متوهّجة، تعالج من خلالها أشياء خاصة فقدتها بنفسها. الكومبوتشا، طبقة الحياة المهتزة، تتحوّل إلى لوح للوشم- عمليّة جسديّة خاصّة أشبه بنقش في الذاكرة. الوشم هو عمليّة التشبّث بما فُقدَ، محاولة لتجميد لحظة داخل حركة دائمة من التغيير، رغم الإدراك بإمكانية التخليد؛ الإدراك أنّ كل شيء سيندثر ويتغيّر ويختفي.

يتحوّل حيّز العرض إلى قناة ولادة. في الهواء ذكرى الحياة السابقة للمواد الخام، بينما تتردّد بين الجدران أصوات العمليّات التي مورست على هذه المواد بغية تغيير استخدامها، ويٌكتشف في حيز العرض انبعاثها من جديد. إنّها عمليّة تعكس حركة الزمن المستمرة، تآكل المادة والأمل، والتجدّد والخلاص أحيانًا، وإن كانا هشيْن. تتيح هذه السيرورة فرصة لطرح السؤال: هل يمكن لأيّ شيء زائل أن يصحو من جديد؟ هل يمكننا المعالجة رغم الكسر؟ هل يمكننا خلق حياة مما أهملَ أو نسيَ؟

لتحميل دليل المعرض