بين الأحجام المختلفة التي يُعنى بها معرض التصميم، وإلى حدٍّ ما المعارض الفنيّة أيضًا، فإنّ حجم الحيّز الداخليّ كَكُلٍّ يتضمّن أشياء، أحداثًا، نِسَبًا، وعلاقات متبادلة، يبدو هامًّا أكثر من أيّ وقت مضى. فهذه الفضاءات تحوي التخصُّصات كلّها – من الشاعريّ إلى العمليّ، من المبنى إلى الجِسم، ومن الساكن إلى الأدائيّ.
إنّ حضور هذه الأمور كلّها ومدى تأثيرها يتزايدان حين ننظر إليها بالطريقة التي تُستهلَك فيها هذه المساحات والأعمال اليوم: من خلال عدسة الكاميرا، وبشكل متزايدٍ باطّراد. يعني ذلك أنّ اللقطة، والإمكانات الجسديّة والأدائيّة التي تتيحها، تتوطّد، ويُرسَم حدّ واضح بين الظاهر (الكاميرا) وبين ما هو بعيد عن العين، الأنظمة التي تتيح الصورة المعروضة. أو بكلمات أخرى: بين النظرة المُوجَّهة والمُسيطَر عليها وبين القراءة الحرّة للفضاء عبر العين البشريّة. أمست الفضاءات الداخليّة منذ وقت طويل، وبأكثر إثارة منذ الكورونا، مواقع تصوير – سينمائيّة أو مسرحيّة – تتيح لا مجرّد إعادة التفكير في صورة الفضاء مقابل تفعيله، بل كذلك في حريّة الانشغال بما هو مُذهِل، تحدّي الأحجام والمقاييس، التشكيك في القوانين الفيزيائيّة، وتمكين الثقافة من أن تقوم بعملها – تخيُّل الإمكانيّات.
يسعى المعرض “موقع تصوير” إلى فعل ذلك بالضبط. فقد دُعيت أربع مجموعات من الفنّانين والمُصمِّمين إلى العمل داخل أربعة مواقع تصوير – فضاءات داخل الحيّز – فيها الحائط الرابع مكشوف، وأمامهم كاميرا ويب وشاشة. تمعن هذه الأعمال النظر في ما هو داخل موقع التصوير وما هو خارجه، في التجربة التي أرادوا إنتاجها وما يفعّلها، في ما تراه العين البشريّة، وما تريد عين الكاميرا – وجهة نظر المُبدع – أن ننتبه إليه.
يسعى المعرض إلى صقل وصياغة حوار تصميميّ وفنيّ عابر للتخصُّصات – حوار يطرح أسئلة عن الفضاء والجِسم، عن ثنائيّة الأبعاد وثلاثيّة الأبعاد، عن الحقيقيّ والمُتخيَّل وعن المعرض والأداء.