وُلد هذا المعرض من خلال قراءة مشتركة للفنّانين والفنّانات للبيان السريالي الأول، الذي يحتفل في عام 2024 بمئة عام على كتابته. هذا النص التأسيسي، الذي كتبه الكاتب والشاعر الفرنسي أندريه بريتون، أشار إلى بداية ثورة ثقافية وفنّيّة توسعت إلى ما هو أبعد من حدود أوروبا، وأثرت في مجالات مثل السينما، والأزياء، والإعلانات. استلهم السرياليون من عالم الأحلام واللاوعي، ورأوا فيما هو وراء الواقع. كتب بريتون في البيان: “الرائع دائمًا جميل، كل ما هو رائع جميل، فقط الرائع هو الجميل[1]”. في هذا الجملة يُبلور الفكرة الرئيسية للحركة السريالية – رفض هيمنة المنطق ووضع الروح والخيال في قلب الإبداع. على الرغم من أن السريالية تعتبر قد بلغت نهايتها في الستينيات من القرن الماضي، إلا أن عناصر أساسية في تصورها لا تزال جزءًا من الشيفرة الجينية للفن المعاصر.
كتب البيان بعد الحرب العالمية الأولى، عندما كانت أهوال الحرب ونتائجها معروفة بالفعل. المعرض الحالي أُنشئ أيضًا في أيام من عدم اليقين وشرخ عميق، وتسعى الأعمال الفنّيّة المعروضة فيه لاكتشاف عالم داخلي يمكن فيه للمستحيل أن يتحقق، وللغوص تحت سطح الواقع أن يصل إلى جوهر التفكير الحر.
الأعمال المعروضة تم إنشاؤها باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائط والتقنيات، مستلهمة من أعماق النفس والوعي. نقطة انطلاقها هي فقدان السيطرة والتحرر الذي يتيحه العمل الفني. يأخذ الفنّانون والفنّانات الأشياء المألوفة والروتينية ويقومون بإجراء تدخلات مادية ورقمية تعيد تعريف هدفها الأصلي وترسم حدودًا جديدة لها. يمكن لهذا العالم أن يكون ملاذًا من الواقع، لكنه في الوقت نفسه يشكل بداية لطريقة تفكير أخرى، متمردة وراديكالية، تخلق توليفة بين الأفكار السريالية والقضايا المعاصرة المحلية.
[1] بريتون، أندريه، البيان السريالي، بني براك: هكيبوتس همئوحتد، 1988، ص 27 (بالعبرية).