• أمين المعرض: نوعم ألون
  • مواعيد:3.8-6.10.23
  • أمينة المعرض المساعِدة: شير فيزل

SPRING WATER

مشاركون.ات

إيريس جيتيك رافائيل برنشتاين عوديد روتم جلعاد أشري بسمة أبو حوطي سيما جيل ينيف دراي عيناف تسايخنر أوري فاينشتاين تاليا شليط رون شسكين عاموس بيلد دانيال تريستمان ورون حين روعي دفيك

عالَم كامل يموج ويرتعد تحت أقدامنا، عالَم تختلط فيه الحياةُ بالموت، بوتقة فوّارة تخفي أيّ مؤشِّر على المكانة الاجتماعيّة. منذ أكثر من 150 عامًا يصوغ المجتمع الغربيّ، يعكس سياسته ويحافظ عليه مرتّبًا ونظيفًا. نجد في الصرف الصحيّ نسخة مُقلقة للمدينة التي فوق الأرض، إذ يقلّد حركتها ويجري داخله نوعٌ من الأمعاء التي تحوي بين ما تحوي ما كان داخل أمعائنا نحن. يسعى العرض SPRING WATER إلى الإشارة إلى الخطر الداهم بأن يفيض هذا الجهاز الهضميّ تحت الأرضيّ ويُغرقنا – مهما كان ديننا، مكانتا الاقتصاديّة، أو وجهات نظرنا، بالقاذورات والوحل. منذ عام 1867، توقّع كارل ماركس حدوث تمزُّق استقلابيّ بسبب فرط استغلال الموارد العضويّة، ما يؤدّي إلى اضطراب في تبادل الموادّ بين الإنسان والطبيعة. حسب رأيه، يؤدّي المسّ بهذه العمليّة الحيويّة حتمًا إلى تدهوُر ظروف الحياة البشريّة إلى درجة تصبح فيها الحياة نفسها مُهدَّدة، أو بكلمات أخرى ما يُدعى “أزمة المُناخ”. صحيح أنّ الكوارث الطبيعيّة التي تضربنا، والآخذة في التزايد مثل العواصف، الفيضانات، الزلازل، والانهيارات الأرضيّة يمكن أن تؤدي إلى انفجار الصرف الصحيّ – ما يعيد التلوّث إلى الأرض – فيحدث خراب عميق للنظام المعهود. يؤدّي ذلك إلى تغيُّر جذريّ لثقافة النظافة والعادات الصحيّة، التي تحدّد جوانب عديدة جدًّا من الحياة اليوميّة وتربط بشكل وثيق بين النظيف واللائق.

حتى اليوم، يدلّ الأداء السليم أو غير السليم للصرف الصحيّ في منطقة ما على سياسة معيّنة، ويشير إلى فوارق جيو-اقتصاديّة. وأوّل مدينة في الغرب تباهت بنظام صرفٍ صحيّ يُبعد المياه العادمة إلى أماكن مخفيّة تحت الأرض هي مدينة لندن الحديثة. فلسنواتٍ طويلة اكتفى سكّان المدينة بضخّ الحاجيّات والنفايات إلى نهر التيمز، حتى ضربهم قحط قاسٍ عام 1858، فجفّف النهرَ، وأدّى إلى النّتَن العظيم (The Great Stink). كان بإمكان أعضاء البرلمان تجاهل الأمر لفترة طويلة، ما داموا قادرين على السير بزهوّ في شوارع المدينة بعربات مُقفَلة. ولكن حين غزت رائحة النتَن منطقة وستمنستر نفسها، وبدأ السياسيّون يسقطون كالذباب واحدهم تلو الآخر، اتُّخذ قرار إقامة بنية تحتيّة منظّمة للشعب تُبقي الروائح الكريهة بعيدًا عن النظر وبعيدًا عن الشمّ. في البداية، أدّى ذلك النهر الجديد وغير المنظور بسكّان المدينة، الذين كانوا معتادين على العيش بجانب الفضلات، إلى أن يتساءلوا ويتخيّلوا أية أشكال من الحياة تتبلور في الظلمات السحيقة. فانتشرت قصص مُرعبة عن أخطبوطات، جرذان، سلاحف، ونساء، إضافةً إلى الكثير من الأساطير المدنيّة حول طفرات ومخلوقات هجينة، أشهرها القصّة عن تماسيح الصرف الصحيّ، التي لم تكتفِ بالسباحة في مجارير نيويورك، بل كانت تخرج منها بين الفينة والأخرى لتتغذّى على وجبة من لحم البشر.

فتحة الصرف الصحيّ، سواء بشكلها الدائريّ (Manhole)، أو على شكل قضبان، تبدو هنا أشبه ببوّابة انتقاليّة إلى عالَم آخر، أوتوبيّ أو ديستوبيّ، ولكنه في جميع الأحوال غريزيّ، قذِر، وفوضويّ. وقد قرّرنا، في تعاون استثنائيّ مع شركة “مياه أفيفيم” أن ندعو إلى مركز إدموند دي روتشيلد مجموعة من الفنّانين والفنّانات الشبّان لفتح نافذة إلى العالَم الحقير والقذِر للصرف الصحيّ. فهدف “العمل الفنيّ هو الغمر بالمياه العادمة، إقامة ما لا يتحدّث عنه أحد”،[1], وفق تعبير جاليا ياهف، التي أنشأت العرض “الخلاص من المجارير” عام 2010.  بعد عقد من ذلك، ربّما هنا في SPRING WATER، هل يمكن أن يؤدي التدحرج في الأساس الوسخ إلى نوع من التطهُّر كما يحدث مع المغتسلين في نهر الغانج؟ هل تتجلّى هنا فرصة جديدة للتعلُّم عن حلقة التغذية والتكراريّة لتنقية مياه الصرف الصحيّ، ما يربط بين ما يخرج من الجسم وما يدخل إليه؟  هل يمكن أن يتبيّن أنّ الصرف الصحيّ ليس مجرّد منظومة بنية تحتيّة متشعّبة، بل كذلك حالة وجوديّة، سياسيّة أو عاطفيّة، لحياة منحطّة تجري في مسار مُحدَّد مسبقًا؟ إنّ حضور هذه الأسئلة في فضاء المعرض والطريقة التي تتجسّد فيها في الأعمال الفنيّة المختلفة يدعواننا إلى التأمّل في “المكان الذي يحدث فيه التقاء كلّ شيء والمواجهة. في هذا المكان الشاحب هناك ظلمات، لكن لا أسرار. لكلّ شيء شكله الحقيقيّ، أو على الأقلّ شكله النهائيّ. كومة النفايات هي كذلك لأنّها لا تكذب. البراءة تستقرّ هنا”.[2]

[1] גליה יהב, ״נווה הביבים של גליה יהב״, אלי ערמון אזולאי, הארץ, 25.3.2010

[2] Victor Hugo, “Les Misérables” , livre VIII “Contre-coup”, chapitre 2 “Le grand égout”, l’édition originale, 1862, p. 419/ התרגום שלי, נ.א

لتحميل دليل المعرض